لماذا نقرأ من تراثنا جزء ونترك الآخر الذي لا يقل عنه أهمية
أنه لما فتحت العراق جئ بالمال إلي عمر فقال صاحب بيت المال آأدخله بيت المال ؟ قال لا ورب الكعبة، لا يؤوي تحت سقف بيت حتي نقسمه، فغطي في المسجد بالانطاع وحرسه رجال من المهاجرين والأنصار. فلما أصبح نظر إلي الفضة والذهب والياقوت والزبرجد والدر يتلألأ فبكي. فقال له العباس أو عبد الرحمن ابن عوف: يا أمير المؤمنين والله ما هذا يوم بكاء، ولكنه يم شكر وسرور. فقال: أني والله ما ذهبت حيث ذهبت، ولكنه والله ما كثر هذا في قوم إلا وقع بأسهم بينهم، ثم أقبل علي القبلة ورفع يديه وقال: اللهم إني أعوذ بك أن أكون مستدرجا، فإني أسمعك تقول: سنستدرجهم من حيث لا يعلمون،
ثم قال: أين سراقة بن مالك بن جعشم، فأتي به وكان أشعر الذراعين دقيقهما، فأعطاه سواري كسري، وقال: إلبسهما، ففعل ذلك، فقال: قل الله أكبر. قال: الله أكبر، ثم قال: قل الحمد لله الذي سلبهما كسري وألبسهما سراقة، رجلا اعرابيا من بني مدلج ثم قلبهما، وقال: إن الذي أدي هذا لأمين. فقال له رجل: أنا أخبرك أنت أمين الله تعالي. وهم يؤدون إليك ما أديت إلي الله، فإذا رتعت رتعوا. فقال صدقت، وإنما ألبسهما سراقة لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال لسراقة ونظر إلي ذراعيه: كيف بك إذا لبست سواري كسري ولم يجعل له سوارين.
عندما قرأت هذا النص هالني اننا لا نتعامل الا فقط مع الجزء الثاني منه المتعلق بنبؤة النبي ووعده لسراقة بن مالك قبل أن يسلم حين تبعه هو وأبو بكر ولحقهما واراد النبي اثناءه عن ملاحقتهما وكان سراقة قد حركه وعد بمكافأة عظيمة إن أوقع بالنبي وصاحبه وهما في طريق هروبهما من عسف قريش متجهين نحو يثرب. ولا نعبر أي عبور عن النصف الأول الذي هو أكثر بلاغة ويمنحنا الدرس الأكبر، وعد النبي وأداء الأمانه دليل صدق نبوة النبي الكريم الذي علم انه يوما ستسقط مملكة الاكاسرة. عمر أدي الأمانة وحفظ وعد النبي وحققه. هذه الحكاية الاكثر تداولا بيننا لم يتعامل فقهاؤنا معها إلا في سياق المعجزة التي رغم تسليمنا بها لن يستطيع أي منا أن يكررها في حياته لأننا لا نعلم الغيب فلا يستطيع أحدنا أن يعد بما لا يملك في حينه، هذه مزية وخاصية منحت للنبي من ربه ولو فعل احدنا ووعد غيره بما لم يكن يملكه لقلنا عنه انه قليل عقل. المعجزة تخص صاحبها وهو النبي وترد علي من ساوره الشك في نبوته وبعثه. الحكاية التي تخصنا هي تلك التي مررنا عليها مرور الكرام وهي نتاج تربية النبي العظيم لأصحابه ليتحولو من مجرد أهل جاهلية لأصحاب رسالة عظيمة ينفذونها ويسعون لتعميم خيرها. تأمل معي هذه الأشياء في النصف الأول:
- رفض عمر ادخال المال المغتنم لبيت المال وتفضيله ان يبقي علي حالته لحين توزيعه علي المؤمنين وبدأ ذلك بالوفاء بوعد النبي. اي طبق درس الوفاء وتأدية الأمانة في توه وحينه
- لاحظ انه لم يفرق في ثقته بين قريب له من المهاجرين وغير قريب من الانصار. النبي اخي بينهم وشملهم الاسلام في بوتقته. والاهم انه الحاكم لا يميز بين رعيته ويمارس عدم التمييز في كل شئ فعلا لا قولا فقط
- الحاكم بكي وتخوف من أثر المال المتدفق لعاصمة ملكه علي لحمة وتعاضد رعيته وتخوفه من السنة البشرية التي تجعل البشر أمام مال كهذا يغلبهم تنافسهم علي الغنائم فينسيهم الغرض الأسمي من محاربتهم للكفر والشر
- يخشي الأمير مكر الله واستدراجه لعباده بالطمع كابتلاء يختبر فيه صدق ايمانهم من عدمه
- الأمير يدعو الله ويقول انه سمعه والسمع هنا سمع الطاعة ونتاج التأمل والقربي وليس الحفظ والاستظهار
في الجزء الثاني لاحظ انه أعلن تمييز سراقة بقطعة مجوهرات غالية لسبب واحد فقط هو أن ذلك وعد نبوي وآداء لدين قديم علي النبي وأمير المؤمنين أولي بقضائه ولو لم يكن هذا الوعد ما حصل سراقة علي اكثر من نصيبه مثله مثل كل فرد فيمن تشمله قواعد توزيع الغنائم. لهذا أمن علي قول من قال: انه امين وأن جنوده الذين ارجعو الغنائم لتوزع ولم يسلبوها هم متمثلين لأمانة أميرهم الذي لم يرتع فلم يرتعو هم بدورهم. الامير لا يفسد وينهب حقوق الناس. فيسير علي دربه الناس ويقل بينهم الفساد.
حقا كان العدل كان شعار عمر وديدنه، كما كان حريصا علي ايمان رعيته ويخاف من ان تأسرهم الدنيا فينسون اخراهم
والغريب اننا نقف عند الفقرة الثانية فقط في جانبها الاعجازي ونتك الدرس الاخلاقي في الحكم وممارسة سياسة الشعوب. فهل لذلك سبب وهل ثمة عمد في تلك القراءة الناقصة
بالمناسبة أنا أمقت دور الخطيب وأستسخف أن أؤدي دور الداعية لكن ما اوقفني امام هذا النص هو ذلك التجاهل لقلب الحكاية وفحواها ودرسها المستفاد.
سؤال هل يمكن تجديد الخطاب الديني من هذه الزاوية اي استدعاء الدروس المسفادة منه لاعلاء قيم الحكم والسياسة ومواجهة افات الفساد والاستبداد ودعم الديمقراطية والباسها رداء اسلاميا عمليا وحقيقيا يستقيم بناء عليه نموذج حديث للنهضة
ثم قال: أين سراقة بن مالك بن جعشم، فأتي به وكان أشعر الذراعين دقيقهما، فأعطاه سواري كسري، وقال: إلبسهما، ففعل ذلك، فقال: قل الله أكبر. قال: الله أكبر، ثم قال: قل الحمد لله الذي سلبهما كسري وألبسهما سراقة، رجلا اعرابيا من بني مدلج ثم قلبهما، وقال: إن الذي أدي هذا لأمين. فقال له رجل: أنا أخبرك أنت أمين الله تعالي. وهم يؤدون إليك ما أديت إلي الله، فإذا رتعت رتعوا. فقال صدقت، وإنما ألبسهما سراقة لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال لسراقة ونظر إلي ذراعيه: كيف بك إذا لبست سواري كسري ولم يجعل له سوارين.
عندما قرأت هذا النص هالني اننا لا نتعامل الا فقط مع الجزء الثاني منه المتعلق بنبؤة النبي ووعده لسراقة بن مالك قبل أن يسلم حين تبعه هو وأبو بكر ولحقهما واراد النبي اثناءه عن ملاحقتهما وكان سراقة قد حركه وعد بمكافأة عظيمة إن أوقع بالنبي وصاحبه وهما في طريق هروبهما من عسف قريش متجهين نحو يثرب. ولا نعبر أي عبور عن النصف الأول الذي هو أكثر بلاغة ويمنحنا الدرس الأكبر، وعد النبي وأداء الأمانه دليل صدق نبوة النبي الكريم الذي علم انه يوما ستسقط مملكة الاكاسرة. عمر أدي الأمانة وحفظ وعد النبي وحققه. هذه الحكاية الاكثر تداولا بيننا لم يتعامل فقهاؤنا معها إلا في سياق المعجزة التي رغم تسليمنا بها لن يستطيع أي منا أن يكررها في حياته لأننا لا نعلم الغيب فلا يستطيع أحدنا أن يعد بما لا يملك في حينه، هذه مزية وخاصية منحت للنبي من ربه ولو فعل احدنا ووعد غيره بما لم يكن يملكه لقلنا عنه انه قليل عقل. المعجزة تخص صاحبها وهو النبي وترد علي من ساوره الشك في نبوته وبعثه. الحكاية التي تخصنا هي تلك التي مررنا عليها مرور الكرام وهي نتاج تربية النبي العظيم لأصحابه ليتحولو من مجرد أهل جاهلية لأصحاب رسالة عظيمة ينفذونها ويسعون لتعميم خيرها. تأمل معي هذه الأشياء في النصف الأول:
- رفض عمر ادخال المال المغتنم لبيت المال وتفضيله ان يبقي علي حالته لحين توزيعه علي المؤمنين وبدأ ذلك بالوفاء بوعد النبي. اي طبق درس الوفاء وتأدية الأمانة في توه وحينه
- لاحظ انه لم يفرق في ثقته بين قريب له من المهاجرين وغير قريب من الانصار. النبي اخي بينهم وشملهم الاسلام في بوتقته. والاهم انه الحاكم لا يميز بين رعيته ويمارس عدم التمييز في كل شئ فعلا لا قولا فقط
- الحاكم بكي وتخوف من أثر المال المتدفق لعاصمة ملكه علي لحمة وتعاضد رعيته وتخوفه من السنة البشرية التي تجعل البشر أمام مال كهذا يغلبهم تنافسهم علي الغنائم فينسيهم الغرض الأسمي من محاربتهم للكفر والشر
- يخشي الأمير مكر الله واستدراجه لعباده بالطمع كابتلاء يختبر فيه صدق ايمانهم من عدمه
- الأمير يدعو الله ويقول انه سمعه والسمع هنا سمع الطاعة ونتاج التأمل والقربي وليس الحفظ والاستظهار
في الجزء الثاني لاحظ انه أعلن تمييز سراقة بقطعة مجوهرات غالية لسبب واحد فقط هو أن ذلك وعد نبوي وآداء لدين قديم علي النبي وأمير المؤمنين أولي بقضائه ولو لم يكن هذا الوعد ما حصل سراقة علي اكثر من نصيبه مثله مثل كل فرد فيمن تشمله قواعد توزيع الغنائم. لهذا أمن علي قول من قال: انه امين وأن جنوده الذين ارجعو الغنائم لتوزع ولم يسلبوها هم متمثلين لأمانة أميرهم الذي لم يرتع فلم يرتعو هم بدورهم. الامير لا يفسد وينهب حقوق الناس. فيسير علي دربه الناس ويقل بينهم الفساد.
حقا كان العدل كان شعار عمر وديدنه، كما كان حريصا علي ايمان رعيته ويخاف من ان تأسرهم الدنيا فينسون اخراهم
والغريب اننا نقف عند الفقرة الثانية فقط في جانبها الاعجازي ونتك الدرس الاخلاقي في الحكم وممارسة سياسة الشعوب. فهل لذلك سبب وهل ثمة عمد في تلك القراءة الناقصة
بالمناسبة أنا أمقت دور الخطيب وأستسخف أن أؤدي دور الداعية لكن ما اوقفني امام هذا النص هو ذلك التجاهل لقلب الحكاية وفحواها ودرسها المستفاد.
سؤال هل يمكن تجديد الخطاب الديني من هذه الزاوية اي استدعاء الدروس المسفادة منه لاعلاء قيم الحكم والسياسة ومواجهة افات الفساد والاستبداد ودعم الديمقراطية والباسها رداء اسلاميا عمليا وحقيقيا يستقيم بناء عليه نموذج حديث للنهضة
هناك تعليقان (٢):
جزاك الله خيراا
على نظرتك العميقه للاشياء التى طالما سمعناها
ديننا ذاخر بالمعجزات ولكنها ليست دين
ياليت الدعاه والخطباء ينظرون للتراث الاسلامى كما نظرت انت والله هنستفاد كتير
تحياتى
ابوالعربى
دا مش أي كلام .. دا كلام في المليان
إرسال تعليق