عمرو حمزاوى يكتب عن النظام العام
تعلمت علي يد عمرو حمزاوى مباشرة لعامين إثنين ولازلت بعد خمسة عشر عاما اتعلم من كتاباته
_______________
حماية النظام العام
بقلم د. عمرو حمزاوي ٢/٥/٢٠٠٨
لمفهوم «النظام العام» بريق خاص لدي دارسي السياسة. فالمفهوم في الجوهر يشير إلي علاقة تعاقدية بيننا كمواطنين وبين الدولة، تلزمنا الحفاظ علي استقرار المجتمع وحدود الفعل السلمي في تعاملاتنا، وتعطي الدولة ومؤسساتها الرسمية الحق في استخدام كل الأدوات المتاحة والمنصوص عليها دستورياً وقانونياً، بما فيها العنف المشروع، لضمان هذا الالتزام، ومن ثم حماية النظام العام كخير مشترك للجميع، لا تقدم دونه ولا ازدهار.بيد أن لمثل هذه العلاقة التعاقدية بين المواطنين والدولة شروطًا رئيسية لا تستقيم دونها، ويمكن إيجازها في كلمات ثلاث هي: الشرعية والعدالة والحياد.
بدايةً، للدولة حق حماية النظام العام إن كانت تتمتع، ممثلة في مؤسساتها ونخبتها وقياداتها بشرعية رضاء أغلبية واضحة من المواطنين عن أدائها.وعلي الرغم من أن الترتيبات الديمقراطية وفي القلب منها الانتخابات الحرة والدورية وما يترتب عليها من تداول للسلطة تمثل الوسيلة الأفضل للتعرف علي درجة الرضاء الشعبي وحدود تقلباتها، إلا أنها ليست الوسيلة الوحيدة. لا تعدم المجتمعات غير الديمقراطية وسائل بديلة لقياس الرضاء الشعبي تدور في المجمل حول ما يعرف في أدبيات علم السياسة بشرعية الإنجاز. فالدول الديكتاتورية والسلطوية قد تستحوذ، ولفترات قد تطول أو تقصر، علي درجة مستقرة من الرضاء الشعبي ترتبط بالنجاح في تحقيق أهداف عليا، كالتحرر الوطني والتنمية الاقتصادية والحد من الفوارق الطبقية ورفع مستويات معيشة المواطنين وغيرها.
ثانياً: للدولة حق حماية النظام العام، شريطة أن تلتزم في جميع أفعالها وممارساتها تجاه المواطنين مبدأ العدالة بمضامينه القانونية. والحقيقة أن الترجمة المجتمعية لمبدأ العدالة لا تعني سوي استقرار حكم القانون، أي أن يخضع الجميع - حاكمين ومحكومين - لذات النصوص الدستورية والقانونية، وأن تطبق عليهم دون تمييز، بما يستدعيه ذلك من إعمال لمبادئ الفصل بين السلطات والمسؤولية والمحاسبة. لا أتحدث هنا عن المعني الاجتماعي للعدالة، فذلك علي الرغم من أهميته هو أحد أهداف البشرية السامية، التي ندر دوماً تحققها، بل عن مضمونها القانوني، كأصل ملزم للدولة وأساس لفعلها. فلا يمكن الدفع بقدسية حماية النظام العام في مجتمعات لم يستقر بها بعد حكم القانون، ولا تخضع بها مؤسسات الدولة للمسؤولية والمحاسبة ويكتشف بها الضعفاء من المواطنين أن ما يطبق عليهم باسم النظام العام يستثني منه، كلاً أو جزءاً، أهل السلطة والنفوذ والمال.
ثالثاً: للدولة حق حماية النظام العام عندما تحترم قاعدة الحياد إزاء تعددية مكونات المجتمع، فلا تفرق بين المرأة والرجل، وتساوي بين المواطنين بغض النظر عن اللون والعرق والدين. المقصود إذاً هو أن تصبح الدولة دولة كل مواطنيها، وأن يؤطر حيادها وما يرتبه من مساواة كاملة لحماية النظام العام. من ثم يصير لزاماً علي الدولة أن تضمن، قانوناً وعملاً، الحق المتساوي للمواطنين في ممارسة حرياتهم العامة والمدنية، وأن تحميهم من التعسف والاضطهاد التمييزي.أما عندما تفتقد الدولة أو تبتعد بوضوح عن هذه المقومات الثلاثة، وذلك هو حال مصر اليوم بكل تأكيد، فإن التشدق بحماية النظام العام يستحيل وحديث أجوف لا مضمون له خارج الحد الأدني المتمثل في حماية الأرواح والممتلكات. وهنا تصبح جميع أشكال الاحتجاج السلمي مشروعة ومقبولة، بل وواجبة في مواجهة دولة تخفق في مهماتها الرئيسية
هناك تعليق واحد:
اتعلمت على يديه لعامين ازاي وفين..؟
أجب.. أفصح.. أبن
إرسال تعليق